تأتي الذكريات بدون استئذان ولا بطاقة تعارف أو جواز سفر، لتأخذنا إلى اشياء بعيدة نتذكر معها أيام مضت من حياتنا، وما أفظعها تلك الأيام إن كانت تحمل فى طياتها فشلاً أو حزناً كبيرا لا يستطيع أن ينسى أبداً مهما مرت عليه سنوات عديدة.
عبارات بسيطة تصف حال بطولة كأس الامم الاوروبية لكرة القدم والتى تستضيفها النمسا وسويسرا، بعدما تسببت صحيفة بولندية فى نشوب خلاف سياسي حاد مع البرلمان الالماني عقب نشرها صورة مثيرة للجدل يظهر فيها مدرب المنتخب البولندي ليو بينهاكر ممسكاً برأس مايكل بالاك كابتن الفريق الالماني ومديره الفني يوآخيم لوف.
وجاء فى صحيفة "سوبر إكسبريس" اليومية البولندية صاحبة الازمة، صورة بينهاكر وهو يمسك برأسي بالاك ولوف المقطوعتين مكتوبا عليها "أعطنا رؤوسهم يا ليو"، لتنقلب الدنيا رأساً على عقب فى المانيا ويخرج العديد من القادة البارزين هناك يعربون عن سخطهم ازاء هذه التصرفات.
من جهتها ردت جريدة "بيلد" الالمانية في موقعها الالكتروني على هذه الصورة بعباراة قاسية وعنيفة كان أهمها "إن بولندا تشن حربا كروية قذرة ضد ألمانيا"، ووصفت هذه الصورة بأنها "انعدام ذوق غير مسبوق".
وعن تداعيات الموقف فى المانيا بعد نشر هذه الصورة أعربت جزينه شفان مفوضة الحكومة للعلاقات الالمانية البولندية هناك عن صدمتها لما حدث وقالت : "أتذكر أن الاجواء كانت سلمية للغاية على الحدود البولندية الالمانية قبيل انطلاق بطولة كأس العالم لكرة القدم عام 2006 في المانيا"، كما اكد بيتر دانكرت رئيس لجنة الشئون الرياضية في البرلمان الالماني للصحيفة قائلا : "هذه الصورة فضيحة لا نظير لها..آمل أن يأتي رد فعل الحكومة البولندية معتدلا على المسألة".
ولا شك أن موقف المنتخبين بعد هذه الازمة سوف يكون حرجاً خاصة وان الفريقين يلعبان ضمن المجموعة الثانية، وهو ما جعل مدرب بولندا يعرب عن استيائه قائلا: "يشير هذا الامر إلى وجود الكثير من المرضى حول العالم وأنا أنأى بنفسي تماما عن المسألة".
والجدير بالذكر أن هناك عداء تاريخى بين الالمان والبولندين نظرا لأن الجيش النازى استطاع ان يحتل بولندا أثناء الحرب العالمية الثانية وارتكب العديد من الجرائم فى حق المواطنين خاصة اليهود والغجر اللذين تم احتجازهم بمدينة "ووج" ليتعرضوا للتجويع والتخويف والإرهاق قبل ان يتم اقتيادهم الى معسكرات الموت.
وأصبح الحي اليهودي في مدينة "ووج" في فبرايرعام 1940 بعد الغزو الألماني لبولندا سجناً كبيراً لأكثر من 160 ألف يهودي، كما كان يعد ثاني أكبر تجمع لجالية يهودية في أوروبا بعد جيتو وارسو، وكان القادرون على العمل من قاطني الحي يقتادون للعمل كعبيد في مصانع المدينة التي كانت تصنع أغلبها الزي العسكري للجنود الألمان، أما الضعفاء غير القادرين عن العمل أو الصغار فكانوا يرسلون إلى معسكرات الإبادة في تشيلمنو وأوشفيتز.
الأربعاء يونيو 11, 2008 4:22 pm
